هل تعترف للآخر بالحب من طرف واحد؟
عندما تنام كل العيون ، تظل عيون الحب وحدها ساهرة ، فالحب شعلة نار تدخل النفوس فتشعلها ، ويظهر لمعانها من خلال العيون ، هذا هو الحب نفتش عنه في كل مكان ، فهو يضفي علي الحياة المعني والقيمة ، وعلي القلب السعادة وعلي الوجه النضارة والجمال ، وعندما نلتقي به نشعر وكأننا قد ملكنا العالم كله بين أيدينا ، لكن هذه السعادة قد تنتهي عندما نصطدم بأمر يدمر الحياة كلها ويدمرنا معه ، وهو أن يكون الحب من طرف واحد والطرف الثاني غير مبال ، فالحب هو أمر قدري ولا حيلة لنا فيه ، من هنا تبدأ معاناة الطرف المحب خاصة إذا كان المحب فتاة خجولة ،حيث تصطدم بحقيقة الأمر الذي يجعلها تزهد الحياة ، ولا يترك الحب مكان أخر في قلبها المجروح .
وطرحنا على بعض الأشخاص هذا السؤال " ماذا إذا كان حبك من طرف واحد وهل تعترف للأخر بحبك ، وجاءت الإجابات كالتالي :
ذل ومهانة للمرأة
تذكر سهام عادل ـ سكرتيرة ـ أن الحب من طرف واحد عذاب ودموع وقهر ، وفى حالة الاعتراف به يكون محرج وجارح لمشاعر الرجل ، ويكون ذل ومهانة كبيرة للمرأة يقلل من قيمتها وقدرها ، فالمرأة عززها الإسلام وكرمها وجعلها جوهرة مصانة.
وبوجه عام لا توافق سهام على تصريح المرأة للرجل بالإعجاب أو الحب على الإطلاق طالما لا يربطها بالرجل أي ميثاق واتفاق على الزواج في إطار العائلة والأسرة ، فما بالك في شخص تشعر المرأة نحوه بالحب والمشاعر وهو لا يشاطرها نفس المشاعر ولا يشعر بوجودها أصلاً ، مضيفة أنه يوجد بعض الرجال معدومي الضمير ينتهزوا فرصة تصريح المرأة بهذه المشاعر الرقيقة لتضييع الوقت ليس إلا وفى النهاية تكون المرأة هى الخاسرة ويكسر أغلى ما فيها وهو " قلبها " .
الوسيط هو الحل
وترفض هدي حسين ـ محامية ـ الاعتراف للآخر بالحب ففيه إقلال كبير من شأن المرأة، خاصة إذا لم يكن الطرف الآخر مهتماً ، وبرأيها أن كل فتاة تعترف لشخص تحبه بالحب هي فتاة لا تحافظ علي كرامتها ، خاصة في هذا الزمن الذي اختفت فيه الكثير من معالم الرجولة الحقة ، فقد كان الرجال في الأزمنة الغابرة يمتلئون بالنخوة والمروءة ، ولم تكن تملؤهم الشكوك والعقد التي هم عليها الآن .
ولكن إن كانت هناك فتاة تحب شاباً وتري فيه الخلق الكريم وتتمناه زوجاً ، وتريد أن تلفت نظره فليكن ذلك بطريقة مهذبة تحفظ عليها كرامتها كأن تسر بذلك إلي أحد الرجال أو النساء المقربين منه ومنها وتطلب من الوسيط أن يسأله عن رأيه في هذه الفتاة ، فإن كان خيراً ، فقد نالت ما تمنت وإن لم يكن فقد حفظت كرامتها ، وذلك هو ما فعلته سيدة نساء العالمين السيدة خديجة رضي الله عنه حين أعجبت بخُلق خاتم المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم فعرضت علي وسيط أن يعرض عليها الزواج ، فأبلغ الوسيط رسول الله صلي الله عليه وسلم بهذه الرغبة ، فطلبها للزواج فوراً
وتوضح هدي أن الحب من طرف واحد هو منتهي المذلة سواء للرجل أو للمرأة ، أنا أعرف جيداً أن القلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء لكنه أيضاً هو من علمنا سبحانه وتعالي أن نقول " ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به " ، فالمحب من طرف واحد مسكين لا يناله من حبيبه أي شيء ولا كلمة ولا نظرة ولا ابتسامة يطفئ بها لهيب الأشواق وحرارتها ، لكنه يعيش في جحيم مستعر دائم يكابد الأشواق وحده ويعاني وحده ويتعذب وحده ويمت وحده كمداً وشوقاً ، ويكون حاله كما قال الشاعر محمود سامي البارودي :
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين .. ولا بات قلب في الحشا يجُب
فمن يستحق كل هذا العذاب؟ ولماذا ؟ لا أظن مخلوقاً في الكون يستحق أن يكون محبوباً وفقط دون أن يكون محباً معطاءً يبادل الحب بحب والعطاء بعطاء والشوق بشوق أكبر وأجمل .
الحب من طرف واحد ... انتحار
وتري ياسمين محمد ـ مدرسة ـ أن الحب من طرف واحد حب فاشل ، لأن الحب معناه التواصل والعطاء ، فكيف يستطيع الإنسان العطاء إذا كان الطرف الأخر لا يعلم شيء عن مشاعره .
متسائلة من أدراني إذا كان سيتقبلني أم لا ؟ ربما لم أكن في باله أصلاً ، ربما هو مرتبط ربما هو ينوي الارتباط بامرأة أخرى ، ربما أنا لست فتاة أحلامه
فهناك اعتبارات عديدة تجعل المرأة المحافظة على كرامتها لا تصرح بحبها .
أما إذا كانت المرأة لا ترى رجلاً في الحياة سوى هذا فعليها أن تثق في إحدى الصديقات وتجعلها تكلمه كأنها ترشح له صديقتها للزواج وتعرف رأيه فيها صراحة ،وعليه تستطيع الحكم إما أن يرتبط بها أو تنساه وترتاح من هذا العذاب المسمى الحب من طرف واحد إنه انتحار باختصار .
وتوافقها الرأي شيرين مصطفي ـ محاسبة ـ مضيفة أن الحب من طرف واحد كبت للمشاعر وللعاطفة التي من حقها أن تظهر لكل طرف لكي يعيشوا معاً حلاوة هذه المشاعر وتتوج في النهاية هذه العلاقة برباط الزواج والحب المستمر مدي الحياة .
دكتورة نجاة إبراهيم محللة نفسية
مشاعر شخصية مكبوتة
وحول الحب من طرف واحد وسلبياته علينا ، تخبرنا الدكتورة نجاة إبراهيم ـ أستاذة جامعية ومحللة نفسية ـ أن الحب بصفة عامة هو مشاركة بين شخصين ، أما الحب من طرف واحد فهو مشاعر معينة موجودة عند شخص ما لكن بشكل شخصي وداخلي دون إظهار هذه المشاعر والعواطف للطرف الأخر فهو ينفرد بها لنفسه فقط .
وتذكر د. نجاة أن الحب من طرف واحد يبدأ في مرحلة المراهقة عندما تكون صورة الحب والترابط ليست واضحة وبسيطة ، فكل شخص يحتاج في هذه المرحلة أن يمارس مشاعر الحب دون وجود طرف أخر ، لذا نجد أنفسنا ننجذب إلى قراءة القصص الرومانسية أو مشاهدة أفلام معينة ونرتبط عاطفياً بالأبطال أو بأي شخص نراه مناسباً وبه صفات رائعة كثيرة لشريك العمر .
أما إذا استمر الحب من طرف واحد بعد فترة المراهقة فنحن لسنا بحاجة إلى استعمال الطريق المباشر بالبوح عما بداخلنا للطرف الأخر خاصة " المرأة " ، مشيرة إلى أن هناك طرق مختلفة للبوح بهذا الحب تغني عن الكلام ، وذلك عن طريق التماس بعض المشاعر والعاطفة من الطرف الثاني للتأكد من هذا الحب قبل التصريح به ، ومن هنا تستطيع الفتاة معرفة هل الطرف الأخر يستجيب لها هو أيضاً أم لا قبل أن يتحول هذا الحب إلى حالة مرضية مزمنة لا يمكن التخلص منها طول العمر .
وتؤكد د. نجاة أن الحب من طرف واحد عائد على شخصية معينة وهي شخصية غير ناضجة عاطفياً أو غير ناضجة في التفكير سواء كان الرجل أو المرأة ، فالرجل والمرأة متساويان في نفس المعاناة إذا كان حبهم من طرف واحد ولا يستطيع الطرفان البوح للأخر بطريقة مباشرة خوفاً من رفض الطرف الأول .